في خطوة تُعد تجسيدًا للوعي السياسي الجنوبي واستشعارًا للمسؤولية الوطنية، أعلنت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي رفضها القاطع لما يُسمى بـ"اللجان البرلمانية" التي تنوي النزول إلى عدد من المحافظات الجنوبية تحت غطاء "الرقابة والتفتيش".
هذا الرفض لم يأت من فراغ، بل يستند إلى أسس قانونية وواقعية وسياسية واضحة، تبرهن على بطلان هذه الخطوة وخروجها عن النص الدستوري، فضلًا عن كونها محاولة مكشوفة للتدخل في شؤون الجنوب الداخلية، وإرباك مؤسساته التي تحظى بقبول شعبي واسع.
مجلس فاقد للشرعية
المجلس النيابي اليمني، الذي أقر تشكيل هذه اللجان، لا يملك أهلية دستورية أو قانونية، بعد أن تجاوز مدته القانونية بأكثر من عقد ونصف، ولم تُجرَ أي انتخابات تجديد له منذ عام 2003. كما أن غالبية أعضائه مقيمون خارج الوطن، ويعقدون جلساتهم في المنفى، ما يجرده فعليًا من صفتي الشرعية والتمثيل الشعبي.
اللجان بلا اختصاص
بحسب الدستور اليمني، فإن السلطة التشريعية لا تملك صلاحية التدخل التنفيذي المباشر، خاصة على المستوى المحلي، فذلك من اختصاصات السلطة التنفيذية وأجهزتها الرقابية المختصة. أما ما يُسمى "لجان البرلمان" فهي كيانات غير قانونية، شكلها برلمان غير شرعي، وبالتالي فهي معدومة الصفة والصلاحية.
الجنوب ليس ساحة مفتوحة للتلاعب
محاولة هذه اللجان الدخول إلى محافظات الجنوب، لا سيما في هذا الظرف الحرج، تُعد استفزازًا صارخًا لإرادة شعب الجنوب، الذي قد حدد خياره السياسي والإداري عبر المجلس الانتقالي الجنوبي ومؤسساته الوطنية.
فالمجلس الانتقالي يُمثل الإرادة الجمعية لأبناء الجنوب، وهو من يقود مؤسساته الأمنية والخدمية والإدارية على الأرض، بالتوازي مع الشراكة الإقليمية والدولية في ملفات الاستقرار ومحاربة الإرهاب.
ابتزاز سياسي بغطاء رقابي
ليست هذه التحركات البرلمانية سوى أدوات لابتزاز سياسي مفضوح، يُراد به ممارسة الضغط على قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، والتشويش على نجاحاته في بناء مؤسسات مدنية وأمنية فاعلة، بعيدًا عن سلطة الفساد والعبث التي كانت سببًا رئيسيًا في انهيار الدولة.
موقف يستحق الدعم
المجلس الانتقالي الجنوبي، بإعلانه رفض هذه اللجان، لم يدافع فقط عن سلطته الإدارية، بل عن الكرامة السياسية لشعب الجنوب، وعن حقه في إدارة شؤونه بعيدًا عن التدخلات الخارجية والوصاية المتجددة.
إن هذا الرفض ليس رفضًا للتفتيش أو الرقابة في معناها الحقيقي، بل هو رفض للعبث، ولتسييس الأدوات الرقابية، وتحويلها إلى وسيلة للضغط والتحايل.
ختامًا
إن ما يُسمى بـ"لجان البرلمان اليمني" ليست سوى محاولة جديدة لإعادة إنتاج نفوذ سياسي متهالك، على حساب واقع جنوبي جديد فرضته التضحيات والإرادة الشعبية. الجنوب اليوم له قراره ومؤسساته، ومن أراد أن يزوره، فليأتِ بصفة شرعية، وبنية صادقة، وباحترام كامل لإرادة الناس.