شهد الجنوب تحركًا اقتصاديًا ونوعيًا بقيادة الرئيس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي حيث دخل برنامج التعافي الاقتصادي مرحلة التثبيت والتنمية المستدامة بعد سلسلة من الإجراءات الحازمة التي تهدف إلى استعادة القدرة الشرائية للمواطن، وضبط سوق الصرف، وتحسين الخدمات الأساسية. اجتماع هيئة رئاسة المجلس برئاسة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي كشف عن ما تم إنجازه من إصلاحات مالية وإدارية ورقابية، أظهرت تناغمًا بين المؤسسات الحكومية والسلطات المحلية واللجان المجتمعية، ما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من البناء المؤسسي الفعلي.
هذه الخطوات، التي تتراوح بين توحيد توريد الإيرادات إلى البنك المركزي، ومنع التعامل بالعملات الأجنبية، إلى الرقابة الميدانية على الأسواق، تُشكل علامة فارقة في مسار التعافي الاقتصادي، وتعد مؤشرًا واضحًا على انحياز القيادة لمصالح المواطنين وحرصها على حماية مكتسباتهم الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما يجعل من هذا التعافي أكثر من مجرد إصلاح مؤقت، بل مرحلة تأسيسية حقيقية لاستقرار الجنوب وازدهاره.
ما تحقق على الواقع
على مدى الأسابيع الماضية، تجلت جهود المجلس الانتقالي الجنوبي في تنفيذ سلسلة من الإجراءات الاقتصادية والرقابية والإدارية التي تهدف إلى إعادة هيكلة منظومة الاقتصاد المحلي.
أبرز هذه الإجراءات كان توحيد توريد الإيرادات إلى الحساب العام في البنك المركزي بعدن، خطوة استراتيجية تقلل من التشتت المالي وتمكن المركز من إدارة السيولة بشكل متوازن. هذا التوحيد ليس إجراءً روتينيًا، بل يمثل حجر الزاوية لإرساء شفافية عالية في إدارة الموارد، ويضع الأساس لتحسين التخطيط المالي طويل المدى، بما يضمن قدرة الدولة على مواجهة أي تحديات مستقبلية.
على الجانب النقدي، أصدرت الحكومة قرارًا بمنع التعامل بالعملات الأجنبية داخل المعاملات المحلية، وهو ما يعكس وعي القيادة بحماية القدرة الشرائية للمواطنين والتصدي للمضاربات التي أثقلت كاهل الأسر. تطبيق هذا القرار بدقة وصرامة سيخفض الطلب غير الرسمي على الدولار ويعيد التوازن للسوق، ويظهر بوضوح أن المجلس الانتقالي الجنوبي يضع مصلحة المواطن في صميم أولوياته الاقتصادية.
في الجانب الإنتاجي، اتخذ المجلس خطوات فعلية لاستعادة طاقات المصافي ووحدات إنتاج الأسفلت، بهدف تقليل الاعتماد على الواردات وتحقيق اكتفاء جزئي محلي، ما يسهم في تخفيض تكلفة النقل والبناء وتحسين أداء البنية التحتية. هذه الخطوات، على الرغم من أنها مرحلية، تشكل مؤشرًا ملموسًا على قدرة القيادة على إدارة الموارد الاقتصادية بكفاءة، بما ينعكس مباشرة على أسعار السلع والخدمات الأساسية.
البعد السياسي والاقتصادي
تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي تحمل بعدًا سياسيًا استراتيجيًا واضحًا. استعادة الدولة لآليات إدارة الإيرادات وسعر الصرف ليس مجرد تطبيق إداري، بل هو استعادة للشرعية المؤسسية للسلطة في مواجهة فوضى اقتصادية كانت سائدة خلال سنوات الانهيار. هذه الإجراءات توصل رسالة واضحة لكل الفاعلين السياسيين والاقتصاديين بأن هناك سلطة قوية وقادرة على حماية مصالح المواطنين، وإعادة سيطرة الدولة على الاقتصاد الوطني.
كما أن اللقاءات الخارجية التي أجراها فريق المجلس في عمّان مع الاتحاد الأوروبي والمبعوث الأممي وسفراء الدول الصديقة تشكل غطاء دبلوماسيًا لتأكيد مصداقية المسار الاقتصادي، وفتح آفاق التعاون الفني والمالي، بما يعزز قدرة المجلس على استقطاب دعم دولي مشروط وفعّال، لا مجرد مساعدات شكلية.
هذه الخطوة تظهر حرص المجلس على تحويل الدعم الخارجي إلى برامج إصلاحية قابلة للقياس والتنفيذ، بما يضمن استدامة التعافي.
نتائج ملموسة
يمكن قراءة أثر التعافي الاقتصادي على واقع الجنوب من خلال منظور شامل يجمع بين التحليل النقدي والإنتاجي والمؤسساتي، بدل الاقتصار على نقاط منفصلة. بدايةً، فإن تثبيت سعر الصرف لم يكن مجرد إجراء شكلي، بل يشكل حجر الزاوية في حماية القدرة الشرائية للمواطن الجنوبي.
عانى السوق المحلي لسنوات من تقلبات حادة في قيمة الريال، ما أثر على أسعار السلع الأساسية مثل القمح والزيوت والرز، وأرغم الأسر على تحمل تكاليف إضافية غير متوقعة. إجراءات المجلس الانتقالي الجنوبي في ضبط العملة وحصر التداول المحلي بالريال تعمل على خفض الطلب غير الرسمي على الدولار وتقليل المضاربات، ما يؤدي بشكل مباشر إلى استقرار الأسعار ويمنح المواطن شعورًا بالأمان الاقتصادي.
على صعيد الإنتاج المحلي، إعادة تشغيل وحدات تكرير المصافي ووحدات إنتاج الأسفلت خطوة استراتيجية لتعزيز الاكتفاء الذاتي جزئيًا وتقليل الاعتماد على الواردات. هذه الخطوة تخفف من ضغوط تكاليف النقل والبناء، وتفتح المجال أمام نمو صناعات محلية مرتبطة بسلاسل التوريد هذه، ما يعزز النشاط الاقتصادي ويخلق فرص عمل جديدة.
بالإضافة إلى ذلك، القدرة على إنتاج أسفلت محليًا يقلل من تكلفة مشاريع البنية التحتية، ما ينعكس بشكل غير مباشر على انخفاض أسعار السلع والخدمات التي تعتمد على النقل والبناء، وهو عامل مهم في تحسين جودة حياة المواطنين.
أما من منظور المؤسسات، فإن توحيد توريد الإيرادات إلى الحساب العام للبنك المركزي بعدن يعزز قدرة الدولة على التخطيط المالي وإدارة السيولة، ما يضمن انتظام صرف الرواتب وتوفير الخدمات الأساسية. هذه الإجراءات تمنع التشتت المالي الذي كان يسمح لبعض الجهات بالتأثير على السوق عبر الاحتكار أو التحايل، كما يرسخ نظام رقابي قادر على معالجة التجاوزات بسرعة، ويعطي المواطن ضمانًا بأن الدولة تتولى حماية مصالحه المالية.
باختصار، أثر التعافي الاقتصادي ملموس على ثلاثة مستويات مترابطة: استقرار الأسعار وحماية القدرة الشرائية، تنشيط الإنتاج المحلي وتخفيض تكلفة البنية التحتية، وتعزيز قدرة الدولة على تقديم الخدمات وصرف الرواتب بانتظام.
جميع هذه العوامل مجتمعة تعزز الثقة بين المواطن والسلطة الاقتصادية، وتؤسس لمرحلة نمو مستدام بعيدًا عن التقلبات المفاجئة أو الانعكاسات السلبية للسياسات قصيرة المدى.
تأثير التعافي على حياة المواطنين
التعافي الاقتصادي الذي يقوده المجلس الانتقالي الجنوبي يترجم إلى حياة يومية أكثر استقرارًا للمواطنين. فعندما تستقر أسعار السلع الأساسية وتصبح الرواتب منتظمة، يتمكن المواطن من تخطيط نفقاته ومواجهة التحديات المعيشية بثقة أكبر. تشغيل المصافي والأسفلت يقلل من تكاليف النقل والبناء، ما يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع والخدمات، ويتيح فرصًا أكبر للأسر لتوفير جزء من دخلها أو الاستثمار في مشاريع صغيرة. الحملات الرقابية ضد الاحتكار والتلاعب بالأسعار تمنح المواطن أدوات لمساءلة المخالفين، ما يعزز شعورًا بالعدالة الاقتصادية والشفافية، ويجعل الشارع أكثر تفاؤلًا تجاه المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، هذا الاستقرار يوفر فرصة لتحريك الاستثمارات المحلية الصغيرة والمتوسطة، ما يعيد الدورة الاقتصادية إلى حياة المواطن ويزيد من مرونة السوق في مواجهة أي صدمات مستقبلية.
الشارع الجنوبي يقدّر التحرك
تقدير المواطن الجنوبي للإجراءات الميدانية للمجلس الانتقالي ليس مجرد انطباع عابر، بل يعتمد على نتائج ملموسة في الأسواق وانتظام صرف المرتبات.
المواطن الذي شهد انخفاضًا في الأسعار أو ضبطًا للممارسات المخالفة بات يثق في قدرة المجلس على حماية مصالحه، ويعتبر هذه الخطوات بداية لتحويل الجنوب من حالة الطوارئ الاقتصادية إلى بناء مؤسسي مستدام. هذه الثقة الشعبية تمثل أساسًا لأي نجاح طويل المدى، وتعكس رؤية المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يضع المواطن في قلب أي إصلاح اقتصادي أو سياسي. كما أن إشراك المجتمعات المحلية في فرق الرقابة يعزز من المشاركة الشعبية ويزيد من شرعية الإجراءات، ما يجعلها أكثر تأثيرًا واستدامة.
الرئيس الزُبيدي وحماية المواطن
سياسات الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي تُظهر انحيازًا حقيقيًا للشعب الجنوبي، وتؤكد أن كل قرار اقتصادي يُتخذ يصب في مصلحة المواطن. من منع الدولرة الذي يحمي القدرة الشرائية، إلى نزول فرق الرقابة الميدانية التي تضمن تطبيق اللوائح، مرورًا بتسريع صرف المرتبات، كل هذه الإجراءات تعكس قيادة متفاعلة مع هموم الناس، وتضع الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في صميم أولوياتها. هذا الانحياز ليس شعارات بل ممارسة حقيقية تترجم إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع.
علاوة على ذلك، متابعة الرئيس للقضايا الاقتصادية بشكل يومي تعكس فهمه العميق للواقع المعيشي، وحصر الاهتمام بما يخدم المواطن مباشرة، وهو ما يعزز الثقة بين الشارع والسلطة.
تحديات
مسيرة الإصلاح تواجه عدة عقبات محتملة: مقاومة بعض الفاعلين الاقتصاديين ومحاولاتهم للتحايل على القوانين، الحاجة لزيادة قدرة الأجهزة الرقابية على التنفيذ الفعلي، وإدارة توقعات المواطنين للحفاظ على الثقة. كما أن أي دعم خارجي يجب أن يترجم إلى برامج واضحة ومؤشرات أداء قابلة للقياس لضمان استدامة النتائج، وعدم تحول التعافي المؤقت إلى حالة عابرة بلا أثر طويل الأمد. كما أن تثبيت الإصلاحات يتطلب تعليمات واضحة وعمليات توعية مستمرة بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لضمان الالتزام بالمعايير الجديدة دون ثغرات قد تؤدي إلى تراجع المكاسب.
رؤية المجلس لاستدامة التعافي
يرى المجلس الانتقالي الجنوبي أن التعافي الاقتصادي لا يكتمل إلا من خلال بناء مؤسسي متين، يشمل لوائح واضحة لمنع الدولرة، تطبيق نظام خزانة موحد، منصة متابعة علنية للبيانات المالية والرقابية، وتحفيز القطاع الخاص المنتج عبر حوافز مؤقتة إضافة إلى ذلك، يؤكد المجلس على ربط أي دعم خارجي بشروط أداء قابلة للقياس لضمان أن أي مساعدة مالية أو فنية تتحول إلى برامج إصلاحية فعلية، ما يضمن تحويل التعافي المؤقت إلى نمو مستدام يعود بالنفع المباشر على المواطن.
كما يشدد المجلس على ضرورة تعزيز الرقابة الداخلية وتوسيع نطاق مشاركة المجتمع المدني في متابعة الأداء لضمان أن أي خطوة إصلاحية تمتثل لأعلى معايير الشفافية والفعالية.
تفعيل مبادىء المساءلة والرقابة
ضمن خطط استمرار الاصلاحات يرى المجلس ضرورة تعزيز الثقافة المؤسسية لدى موظفي الدولة وربط الأداء بالمكافأة والمساءلة، وتوسيع حملات التوعية الاقتصادية بين المواطنين لتعزيز الشفافية والمشاركة المجتمعية.
كما يشدد المجلس على أهمية تطوير أدوات حماية اجتماعية تستهدف الأسر الأكثر هشاشة، ما يخلق شبكة أمان اجتماعي تعزز من استدامة أي إصلاح اقتصادي. هذه الأدوات تشمل دعم برامج التعليم والصحة وتحسين شبكات النقل والمياه والكهرباء، بما يجعل التعافي الاقتصادي مترابطًا مع تحسن الحياة اليومية للمواطن.
ما تحقق حتى الآن يؤسس لمرحلة بناء مؤسسي حقيقية في الجنوب، لكنها تبقى هشة ما لم تُقترن بالاستمرار في الإنفاذ، الشفافية، والمساءلة، وتفعيل أدوات الحماية الاجتماعية لتقليل آثار أي هزات محتملة. قياس نجاح هذه المرحلة سيظهر في استقرار سعر الصرف، انخفاض ملموس في أسعار السلع الأساسية، وانتظام دائم لصرف الرواتب. إذا تم الحفاظ على وتيرة التنفيذ وتوسيع قاعدة الشفافية، سيجد الجنوب نفسه أمام فرصة حقيقية لتحويل التعافي المؤقت إلى
نمو اقتصادي مستدام يعود بالنفع المباشر على حياة المواطن الجنوبي.