حين نتحدث عن التربية والتعليم في مديرية الشيخ عثمان، لا يمكن أن نتجاوز اسم الأستاذة حياة عبده عبدالله، مدير إدارة التربية والتعليم بالمديرية. فهي واحدة من القلائل الذين حولوا المنصب من مجرد وظيفة إدارية إلى رسالة سامية وموقف إنساني وأخلاقي ثابت.
ما يميز الأستاذة حياة أنها لا تنظر إلى الطلاب كأرقام في سجلات المدارس، بل كأبناء وبنات لها، تردد دائمًا: "هؤلاء أولادي"، ومن هذا المنطلق كانت مواقفها واضحة وشجاعة، لا تقبل المساومة في حقوقهم، وتدافع عنهم كأم وأخت قبل أن تكون مسؤولة.
-رفضت رفع الرسوم وقالت: التعليم حق لا سلعة
منذ اللحظة الأولى لتوليها قيادة إدارة التربية والتعليم بالمديرية، وضعت الأستاذة حياة حدًا لمحاولات رفع الرسوم في المدارس الحكومية، ورفضت كل الممارسات التي تسعى لتحويل التعليم إلى عبء مالي على الأسر، مؤكدة أن "التعليم حق لا سلعة"، وأن كل طفل يستحق فرصة عادلة للتعلم مهما كان وضع أسرته المادي.
بل إن موقفها لم يتوقف عند المدارس الحكومية فحسب، بل امتد إلى المدارس الخاصة، حيث رفضت بشكل قاطع أي محاولات لرفع الرسوم الدراسية، وأصرت على تخفيضها بنسبة 30% مقارنة بالعام الدراسي الماضي، مراعاةً للظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها الأسر، وتأكيدًا على أن التعليم يجب أن يبقى في متناول الجميع، دون استغلال أو جشع.
-كسر احتكار المجالس غير القانونية
واجهت بقوة ما كان يعرف بـ"مجالس الآباء" في بعض المدارس، والتي استغلت صلاحياتها لفرض رسوم خيالية على الطلاب، خارجة عن القانون والأنظمة التربوية.
في مدرسة الفاروق، كان المجلس يفرض رسومًا تجاوزت 40 ألف ريال، على كل طالب، مبلغًا يعجز عن دفعه كثير من أولياء الأمور. تصدت الأستاذة حياة لهذا التغوّل، وأعادت المدرسة إلى وضعها الطبيعي كصرح حكومي يقدم التعليم للجميع دون تمييز.
أما في مجمع الممدارة التربوي للبنات، فكانت كل طالبة تُجبر على دفع عشرة آلاف ريال، ما أدى إلى حرمان عدد كبير من الفتيات الفقيرات من مواصلة تعليمهن. تدخلت بحزم، وألغت هذه الرسوم، لتعيد لهن حقهن الطبيعي في الدراسة.
-بصمات لا تُخطئها العين
ليست هذه المواقف مجرد قرارات عابرة، بل تعكس مسيرة حافلة بالعطاء والتفاني. ففي كل منصب تولته الأستاذة حياة، كانت بصماتها واضحة كالشمس، لا سيما حين كانت مديرة مدرسة الممدارة بنين، حيث استطاعت أن تحول المدرسة إلى نموذج للانضباط والنجاح.
لقد أثبتت أنها لا تقود من خلف المكاتب، بل من قلب الواقع، تتابع، وتوجه، وتقف إلى جانب المعلمين والمعلمات، وتحمل هموم أولياء الأمور والطلاب على كتفيها.
-قيادة بحجم المسؤولية
ما قامت به الأستاذة حياة ليس إلا نموذجًا لقيادة تربوية واعية، تدرك أن التعليم هو حجر الأساس لأي مجتمع ناهض. انتصرت للطالب الفقير، ووقفت في وجه محاولات تحويل المدارس إلى مشاريع تجارية، وفرضت قيم العدالة والرحمة والالتزام.
إنها اليوم تمثل صوتًا حرًا في ساحة التربية، ونموذجًا يُحتذى لكل من يرى في التعليم رسالة ومسؤولية. وستظل سيرتها ومسيرتها مصدر إلهام في ذاكرة الطلاب وأولياء الأمور وكل من آمن بأن للعلم رسالة لا تُشترى ولا تُباع.