أكثر ما نلمسه من آراء على مواقع التواصل الاجتماعي أن بعض المناطق الجنوبية لا تزال تشكو من التهميش والإقصاء وغياب الشراكة الحقيقية. وأنا أقدّر كل رأي يدعو إلى بناء شراكة وطنية راسخة تقوم على أسس عادلة، بعيدًا عن ثقافة الإقصاء والانتقاص.
فالوطن لا يستقيم إلا بالشراكة الحقيقية، وتصفير الخلافات والتباينات، مهما بلغت حدتها، من خلال بناء قدرات إدارية قادرة على صناعة تحول استراتيجي، ومكافحة الفساد والمحسوبية. أمّا حين تتجاوز الولاءات "حدود المناطق والكيانات" إلى شللية ضيقة، فإنها لا تصنع دولة بل تسقطها. وهذا ما حدث مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
لو أن "صالح" سعى بصدق إلى شراكة حقيقية مع الجنوب والحزب الاشتراكي اليمني، ولم يذهب إلى محاباة آل الأحمر وجماعة الإخوان وسنحان، الذين أرادوا الوصول إلى الحكم عبر بوابة القصر الجمهوري، لكان للتاريخ مسار آخر. لكنه خسر المعركة مبكرًا لأنه انقلب على الشريك الحقيقي في مشروع الوحدة، وتمسك بتحالف هش مع الإسلاميين والأفغان العرب، وظن نفسه "الراقص على رؤوس الثعابين"، بينما كان في الحقيقة يربي ثعابين سامة داخل القصر.
لم تكتمل الوحدة اليمنية قط؛ فقد كانت مشروعًا في طور التأسيس، سرعان ما انقلب عليه صالح وأجهض اتفاقياته. وحين حاول أن يضع حجرًا على فوهة بركان عدن، لم يدر أن البركان حين ينفجر سيحرقه قبل غيره. التفت يومها ليجد الثعابين التي ربّاها قد كشرت عن أنيابها، لتتحول رصاصاتها وقذائفها نحوه، وتنهي مغامرته في قصر الرئاسة بمحاولة اغتيال مدوية.
إن دروس الماضي واضحة: الإقصاء لا يبني وطنًا، والتهميش لا يصنع استقرارًا، والشراكة الحقيقية وحدها هي الضمانة لبقاء الدولة وحماية مستقبلها.
#صالح_أبوعوذل