في مسيرة الشعوب، تبرز أيامٌ تُختزل فيها سنون الكفاح، وتُختَمَر فيها دماء التضحيات، لتصير مناراتٍ تُضيء دربَ الأجيال، وتأتي ذكرى (الرابع من مايو)، لتمثل عصارة تحولات النضال الجنوبي منذ ما بعد عام 1994م، وما تلتها من مقاومات وانتفاضات وحركات شعبية وسلمية (تاج) ومبادرة التصالح والتسامح ومطالبات جمعية المتقاعدين والمدنيين المسرحين قسرًا حتى انبثقت شعلة مكونات الحراك السلمي الجنوبي، حاملةً في طياتها آمالًا عريضة، وأحلامًا ثقيلة، لم تخلُ من تشظياتٍ داخلية، وتمزقاتٍ موّلتْها أيادٍ خفية، غير أن تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي كان بمثابة البوتقة التي جمعت شتات هذه الكيانات، وصهرتها في كيانٍ واحد، قوامه المبادئ الراسخة، والثوابت الوطنية، وميثاق شرفٍ يضع الحوارَ وسيلةً مثلى للتواصل مع كل الأطراف، بشرطٍ واحد: ألا يُمسَّ سقفُ المطلب الأسمى — استعادة الدولة الجنوبية وعاصمتها السياسية عدن— فهي ثوابت لا تقبل النقاش، وحقائق لا تُجارى بالشك.
- 4 مايو تفويضٌ تاريخي لقائد جامع كل الصفات والمبادئ والقيم والنضال والسياسة:
لم تكن ذكرى 4 مايو مناسبةٍ احتفالية، بل كانت تأسيسًا شرعيًّا تمثل في تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي الذي استمد قوته من الإرادة الشعبية الجامعة، حيث توّج الشعب الجنوبي — بكل ألوان طيفه السياسي والاجتماعي والثقافي والحزبي والمرأة والشباب والمستقلين— الرئيس الرمز عيدروس بن قاسم الزبيدي بتفويضٍ جماهيري لم يُسبق في التاريخ الحديث له مثيلًا، ليقود مسيرة المجلس الانتقالي الجنوبي، بوصفه الممثلَ الشرعي للمشروع التحرري الجنوبي، والساعي إلى إعادة بناء الدولة الجنوبية الفيدرالية المستقلة. وبهذا لم يعد هذا التفويض على أنه تكليفٍ سياسي كما يروج له دعاة الانهزام والقوى المعادية، بل كان تعبيرًا عن وعيٍ عميق بضرورة توحيد الصفوف، وتطهير الجغرافيا الجنوبية من كل أشكال التهديدات التي كانت سابقًا من قوى اليمن واليوم من المليشيات الحوثية الإرهابية المتخلفين معها، والانطلاق نحو استعادة السيادة الكاملة.
- 4 مايو إنجازات دبلوماسية واستحقاقات سياسية جعلت الجنوب في الواجهة الدولية:
كشفت ذكرى 4 مايو عن المسارات السياسية والدبلوماسية التي قطعها المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث نجح في تحويل القضية الجنوبية إلى محورٍ أساسي في الملف الإقليمي والدولي. ففي المحافل الدولية، لم يعد الجنوب مجرد ذكرى غائبة، بل صار حاضرًا في أوراق الدول الفاعلة، التي باتت ترى أن حل أزمات المنطقة لن يتحقق إلا بعودة دولة الجنوب بهويتها وسيادتها الكاملة كما كانت قبل 1990م. وأصبح من الواضح أن العودة إلى نظام الدولتين — اليمن والجنوب — هي الضمانة الوحيدة لاستقرار المنطقة، وحماية المصالح الإقليمية والدولية من مخاطر التدهور والانهيار وتأمين المصالح الدولية والممرات المائية.
- 4 مايو مسارٌ وطني وحصونٌ دفاعية:
لم تكن الذكرى الرابعة من مايو مجرد احتفالٍ بالماضي، بل كانت تأكيدًا على مسارٍ وطني يحمي المكتسبات، ويعزز الوجود الجنوبي في مواجهة التحديات. فمن خلال تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، تحولت القوى العسكرية والأمنية الجنوبية — من ألوية العمالقة إلى قوات الصاعقة ودفاع شبوة وقوات مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة — إلى حصونٍ منيعة تحرس حدود الجنوب، وتحمي مؤسساته، وتواجه أي تهديدٍ خارجي أو داخلي، بحيث لم تكن هذه القوات مجرد أدوات حرب، بل تكونت لتكون نواة لجيشٍ جنوبي موحد، يحمل على عاتقه حماية المكاسب، والدفاع عن حق الشعب في تقرير مصيره.
- 4 مايو ذكرى لإشراقةٌ مستقبل منتظر:
إن ذكرى 4 مايو ليست رقم عددي أو يومٍ في التقويم، بل هي روحُ ثورة جنوبية، وضميرُ شعبه، وبوصلةُ مستقبله. وهي تذكيرٌ دائم بأن الطريق إلى الحرية قد يكون طويلًا، لكن النهاية حتمًا ستكون لصالح من يمتلك الإرادة، ويحمل الحق، ويصدق النضال.
والجنوب حتمًا سيعود كما كان: دولةً حرةً مستقلةً، وعاصمتها عدن شامخةً بأبنائها وبعهد قائدها الذي فوضه شعبه في استعادتها، لإن تاريخ الشعوب لا يُكتب بالانتظار، بل بالثبات على المبادئ، والقتال من أجل الحق وهي المقولة الخالدة التي قالها الرئيس عيدروس بن قاسم الزبيدي لجماهيره في مليونية التفويض: عهد الرجال للرجال.
#يوم_اعلان_عدن_التاريخي
#بعثه_الجنوب_في_واشنطن