بينما يحاول أعداء الجنوب إشعال فتيل الفتنة واستهداف مؤسسات الدولة من الداخل، تبقى القوات الأمنية الجنوبية، وعلى رأسها قوات الحزام الأمني، صمام الأمان الحقيقي والدرع المنيع في مواجهة مشاريع الفوضى والتخريب. هذه المؤسسة الأمنية لم تولد من العدم، بل تأسست عبر مراحل تاريخية دامية، وتشكّلت بهوية وطنية خالصة، نابعة من الأرض التي تنتمي إليها، ومستندة إلى مشروع سياسي وعسكري متكامل، يقوده الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، الذي حمل منذ اللحظة الأولى حلم استعادة الدولة الجنوبية، وضمان أمن المواطن الجنوبي.
لقد أثبتت هذه القوات أنها ليست مجرد تشكيل عسكري بل منظومة وطنية متكاملة، تحمل على عاتقها أمن الجنوب واستقراره، وتخوض في سبيله معارك مستمرة، سواء في الميدان، أو في جبهات الحرب الإعلامية، حيث تقود أطراف معادية هجمات ممنهجة لتقويض الثقة بين الجنوبي ومؤسساته.
-الولادة من رحم النضال والتضحيات
لم تكن القوات الأمنية الجنوبية نتاج لحظة عابرة، ولا هي مؤسسة بنيت في ظروف هادئة، بل نشأت من رحم المعاناة الجنوبية مع الإرهاب والتهميش والتآمر. لقد جاءت كثمرة لتضحيات رجال واجهوا الظلم، وقفوا في وجه عصابات الإرهاب ومليشيات الاحتلال، وتحملوا أعباء التأسيس في بيئة أمنية محفوفة بالمخاطر.
تأسست هذه القوات على يد رجال مؤمنين بمشروع التحرير والاستقلال، مؤمنين بأن لا دولة بدون أمن، ولا كرامة بدون سيادة على الأرض. ولهذا كانت رؤيتهم منذ اللحظة الأولى واضحة ومحددة: بناء مؤسسة أمنية جنوبية نابعة من أبناء الجنوب، وتعمل لأجله، وتحمي تطلعاته، وتنفذ أهدافه الوطنية، وقد ضحوا بأروحهم في سبيل ذلك.
-الهوية الوطنية للمؤسسة الأمنية
ما يميز القوات الأمنية الجنوبية أنها ليست مؤسسة مستوردة، ولا تابعة لأجندات خارجية، بل تمثل الهوية الحقيقية لأبناء الجنوب. هي القوة التي صاغتها البيئة الاجتماعية والسياسية والعسكرية للمواطن الجنوبي، فكل جندي وضابط في هذه المنظومة هو ابن الأرض، يحمل همّ شعبه، ويعرف تضاريس وطنه، ويقاتل من أجل شعبه لا من أجل أي سلطة دخيلة.
وقد كان هذا البعد الهوياتي واضحًا في خطاب الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، الذي أكد مرارًا أن أساس الدولة الجنوبية يجب أن يبنى على مؤسسة أمنية وطنية مستقلة القرار، ومخلصة لشعب الجنوب فقط. ولهذا كانت القوات الأمنية، والحزام الأمني على وجه الخصوص، حجر الزاوية في مشروع بناء الدولة الجنوبية.
-الهجمات الإعلامية والتشويه الممنهج
لكن مع كل نجاح أمني يتحقق، وكل خلية إرهابية يتم إحباطها، تظهر حملات التشويه الإعلامي لتشكك في هذه الإنجازات، وتضرب جسور الثقة بين المواطن ومؤسساته. هذه الحملات لا تأتي من فراغ، بل تقودها غرف سوداء في الخارج، تديرها خلايا إعلامية متخفية في هولندا، عُمان، وتركيا، وتغذيها حسابات إلكترونية ممولة من جماعة الإخوان والحوثيين وتنظيم القاعدة.
تلك الحملات لا تنتقد الأداء الأمني من باب النقد البناء، بل تسعى لتدمير المؤسسة الأمنية، عبر استهداف رموزها، ونشر الأكاذيب والتلفيقات، وخلق حالة من القلق والشك، هدفها النهائي هو تمهيد الطريق لانهيار الجبهة الداخلية الجنوبية.
-استهداف القادة.. ضربٌ للمعنويات
لم تسلم القيادات الأمنية من هذه الحملات، فقد تعرض العميد جلال الربيعي، قائد قوات الحزام الأمني في العاصمة عدن، لهجمة إعلامية شعواء، هدفت لتشويه سمعته، وضرب صورته لدى الجمهور. لكن هذه الحملة لم تستهدف الربيعي كفرد، بل استهدفت مؤسسة أمنية كاملة، يقف على رأسها، تقود معركة يومية ضد الإرهاب والمخدرات والعصابات المنظمة.
ورغم أن هذه الحملات حاولت النفاذ من بعض الثغرات، إلا أن وعي الشارع الجنوبي، ووفاءه لرجاله، سوف يجعل تلك المحاولات تفشل سريعًا، وتتحول إلى دليل إضافي على المؤامرة التي تستهدف الجنوب برمته.
-التحريض على الحزام الأمني.. استهداف المواطن لا الجندي
إن كل محاولة لضرب الحزام الأمني أو شيطنته، ليست استهدافًا لمجموعة أفراد، بل هي استهداف مباشر لأمن المواطن الجنوبي. حين نرى القوات الأمنية تنتشر ليلًا في شوارع عدن ولحج وأبين، لا تفعل ذلك لحماية سلطة، بل لحماية المواطن، ومنعه من السقوط ضحية للفوضى والإجرام. هؤلاء الجنود لا يعرفون النوم، ولا الراحة، لأنهم يدركون أن أمن الجنوب مرهون بجهودهم.
ولذلك فإن من يطعن فيهم، إنما يطعن في أمن أبنائنا ونسائنا وشوارعنا، ويخدم الأجندات التي تسعى لإعادة الجنوب إلى مربع الانفلات الأمني الذي خبرناه في مراحل الاحتلال.
-من يحميك.. يستحق دعمك لا طعنك
لا بد أن يدرك الشارع الجنوبي أن الحرب التي تخاض ضد قواته الأمنية، هي جزء من معركة أكبر ضد الجنوب كله. إن من يحميك من الإرهاب، ويمنع تسلل السلاح والمخدرات إلى أحيائك، ويقف على النقاط لساعات طويلة في ظروف صعبة، لا يستحق أن يُطعن في ظهره، بل أن يُدعم، ويُرفع، ويُكرّم.
الثقة بين المواطن ومؤسسته الأمنية ليست خيارًا، بل ضرورة وجودية. وإذا ما تمكنت منصات الفتنة من تمزيق هذه الثقة، فإن ذلك سيفتح الباب لانهيارات أكبر لا تُحمد عقباها.
-تفنيد الأكاذيب وكشف مصادرها
خلايا التشويه الإعلامي، التي تنشط في الخارج وتدّعي الحرص على الجنوب، لا هدف لها سوى خلق بيئة ملغومة بالكراهية وعدم الثقة. تتلقى تمويلها من جهات معادية للاستقرار، وتتحرك وفق أجندة واضحة: إسقاط الجنوب من الداخل عبر الإعلام، بعد أن فشلت في إسقاطه عسكريًا.
لكن أمام هذه الأكاذيب، هناك من يواجهها بالحقيقة، بالإحصاءات، بالصور، بالوثائق، وبالرؤية الوطنية الصادقة التي لا تتزعزع أمام حملات مأجورة.
-ازدواجية الخطاب.. الصمت أمام الحوثي والصراخ ضد رجال الجنوب
من المفارقات المضحكة أن الأقلام التي تصرخ ضد قوات الجنوب، صمتت حين اجتاحت مليشيات الحوثي صنعاء، وأحرقت القرى، وقصفت النساء والأطفال. هؤلاء أنفسهم اليوم يرفعون رايات "الحرية" في وجه من يحمون الناس، ويكتبون مقالات "النقد" ضد الحزام الأمني، ويتظاهرون بالحرص على حقوق الإنسان، بينما لم ينبسوا بكلمة ضد انتهاكات الحوثيين والإخوان.
-المجلس الانتقالي.. حاضن الأمن وداعمه
في قلب هذه المعركة، يقف المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، داعمًا ومناصرًا لكل جندي جنوبي، واضعًا الملف الأمني على رأس أولوياته. فالانتقالي يدرك أن لا مشروع سياسي دون أمن، ولا مستقبل دون استقرار. ولذلك وفر كل الدعم اللوجستي والمعنوي لقوات الأمن، وأسهم في تدريبها وتجهيزها، وفي الدفاع عنها سياسيًا وإعلاميًا.
-الإنجازات الميدانية.. أرقام تشهد وتاريخ يُكتب
لقد تمكنت قوات الحزام الأمني خلال السنوات الأخيرة من تحقيق إنجازات نوعية، لا تخطئها عين المراقب. فقد أُحبطت عشرات العمليات الإرهابية، وأُلقي القبض على مئات العناصر الخطيرة، وتم تفكيك شبكات تهريب دولية، وضبط شحنات ضخمة من المخدرات. كل ذلك تم في ظل بيئة شديدة التعقيد، وبموارد محدودة، لكن بإرادة لا تنكسر.
-علم الجنوب يُرفع بدماء لا بكلمات
كل مرة يُرفع فيها علم الجنوب فوق منشأة حكومية أو شارع محرر، هناك من نزف من أجله، هناك من قدّم حياته ليبقى هذا العلم عاليًا. ليس أولئك الذين يتحدثون من خلف الشاشات، بل من وقفوا على الحواجز، ومن واجهوا الموت لصد عدوان أو هجوم إرهابي. إن الجنوب لن يُبنى بشعارات إلكترونية، بل بالأجساد الواقفة في الميدان.
-أمن الجنوب خط أحمر
نقولها بصوت واضح لا لبس فيه: أمن الجنوب خط أحمر، لا يُمكن القبول بتجاوزه، ولا التهاون مع من يهدده، سواء من الخارج أو الداخل، بالتفجير أو بالتشويه، بالسلاح أو بالكلمة المسمومة. فالأمن عنصر جوهري تبنى عليه أي مشاريع اقتصادية أو اجتماعية أو إنسانية.
-الجنوب بحاجة للوعي الشعبي في هذه المعركة
لم تعد المعركة الأمنية اليوم في الميدان فقط، بل باتت أيضًا في عقول الناس، في وعيهم، في قدرتهم على التمييز بين الحقيقة والكذب، بين من يحميهم ومن يستهدفهم. والوعي هو السلاح الأهم الآن، فكل مواطن واعٍ هو جندي في معركة الحفاظ على مؤسسات الدولة الجنوبية. فالحملات الإعلامية المعادية تهدف إلى زعزعة الأمن النفسي العام، وتمكين مشاريع أكثر تشدداً وفوضى داخل الجنوب، ودفع الجنوب إلى حل لا يحمد عقباه.
الجنوب يقف اليوم أمام لحظة مفصلية، لحظة تتطلب تكاتفًا وطنيًا غير مسبوق، وانحيازًا مطلقًا لمشروع الدولة الجنوبية. ولا يمكن لهذا المشروع أن ينجح دون أمن، ودون قوات تحميه، ودون شعب يدافع عنها. فلنقف جميعًا مع قواتنا الأمنية، ولندافع عن صورتها، ولنفضح كل من يحاول النيل منها. هؤلاء الجنود هم من يرسمون ملامح فجر الجنوب الجديد.. فليكن كل منا سندًا لهم، ليبقى الجنوب آمنًا، مستقلًا، قويًا.