كشف الجيش الباكستاني مؤخرًا عن تطور عسكري لافت تمثل في اعتراض وإسقاط 25 طائرة مسيّرة من طراز “هاروب” (Harop)، وهي ذخائر متسكعة إسرائيلية الصنع تُشغلها القوات الجوية الهندية.
وفقًا للبيان الصادر عن باكستان، فإن هذه الذخائر، المعروفة بقدرتها على البحث عن الأهداف والهجوم المباشر، كانت تستهدف منظومات الرادار الباكستانية الحيوية في مواقع مختلفة داخل البلاد. وتعمل الفرق الفنية الباكستانية حاليًا على جمع وتحليل حطام المسيّرات التي تم إسقاطها.
يُسلط هذا الحادث الضوء بقوة على عمق وتنامي الشراكة الدفاعية بين الهند وإسرائيل، والتي تُوصف بأنها علاقة استراتيجية بالغة الأهمية. تُعد إسرائيل أحد أبرز الموردين الرئيسيين للمعدات الدفاعية للهند، التي تُصنف كأكبر مستورد للأسلحة في العالم. فقد بلغت قيمة الصادرات الدفاعية الإسرائيلية إلى نيودلهي حوالي 2.9 مليار دولار خلال العقد الماضي، شملت مجموعة متنوعة من الرادارات، أنظمة الصواريخ، والطائرات المسيرة.
تعتمد القوات المسلحة الهندية بشكل واسع على التكنولوجيا الإسرائيلية في قطاعات مفصلية. ففي منطقة كشمير المتنازع عليها، تُشغل الهند مسيّرات الاستطلاع وجمع المعلومات من طراز “هيرون” (Heron)، المعدلة خصيصاً للعمل في البيئات الجبلية الصعبة. كما دخلت بنادق القتال “تافور” (Tavor) الخدمة في الجيش الهندي منذ عام 2008. وفي عام 2019، استخدمت الهند نظام القنابل الموجهة بدقة “سبايس-2000” (SPICE-2000) في غاراتها الجوية داخل باكستان.
تتجاوز الشراكة مجرد صفقات التوريد لتشمل مشاريع تطوير وإنتاج مشترك، أبرزها منظومة الدفاع الجوي “باراك-8” (Barak-8). يجري حالياً تطوير أجيال جديدة من هذه المنظومة ضمن ثلاثة مشاريع مشتركة بين منظمة البحث والتطوير الدفاعي الهندية (DRDO) وشركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI).
يُعد إنتاج الطائرات المسيرة محليًا أحد أبرز مجالات التعاون في مجال التوطين (Indigenization). تتعاون IAI مع شركتي HAL وDynamatic في إنتاج مسيّرات داخل الهند. كما طورت HAL بالتعاون مع شركة “إلبيت سيستمز” (Elbit Systems) مسيّرة بنظام إقلاع وهبوط عمودي (VTOL). وفي خطوة هامة، أسست إلبيت وأداني ديفينس في عام 2018 منشأة في حيدر أباد لتصنيع مسيّرات الاستطلاع المتوسطة الارتفاع “هيرمس 900” (Hermes 900)، والتي دخلت الخدمة رسمياً في الجيش الهندي عام 2023.
بالنظر إلى المسيّرات الإسرائيلية التي تُشغلها الهند، فقد أدخلت القوات الهندية مسيّرات “هيرون إم كيه 2” (Heron Mk2) المتقدمة للخدمة بين عامي 2022 و2023. تُصنف هذه المسيّرات ضمن فئة الارتفاع المتوسط والمدى الطويل (MALE)، وتتميز بقدرات مراقبة متقدمة ومدى عملياتي واسع، مدعومة بالاتصال عبر الأقمار الصناعية وقدرتها على التحليق لأكثر من 45 ساعة متواصلة. كما يمكنها حمل مجموعة متنوعة من الحمولات تشمل أجهزة الاستشعار، الرادارات، أنظمة جمع المعلومات الإلكترونية (ELINT/SIGINT)، ومنظومات الحرب الإلكترونية.
أما مسيّرات “هاروب” (Harop)، التي تستخدمها الهند منذ عام 2009، فهي تُصنف كـ “ذخائر متسكعة” (Loitering Munitions) مصممة خصيصاً لاستهداف منظومات الرادار والدفاع الجوي (SEAD/DEAD) وتدميرها ذاتيًا.
وقد استخدمت الهند هذا النوع من الذخائر في عمليات سابقة، لاستهداف مواقع دفاع جوي باكستانية. ويمكن التحكم بهذه الذخائر عن بعد، مع إمكانية إلغاء المهمة بعد الإطلاق (Mission Abort Capability).
بالإضافة إلى ذلك، طورت IAI بالتعاون مع ألفا ديزاين تكنولوجيز ذخيرة متسكعة أخرى هي “سكاي سترايكر” (SkyStriker)، وهي ذخيرة انتحارية موجهة بدقة دخلت الخدمة عام 2021 ويُقال إنها استُخدمت أيضاً في عمليات ضد أهداف باكستانية.